خلال القرن العشرين، شهد العالم العديد من الكوارث التي تسببت في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وبينما حصل بعض هذه الكوارث بشكل طبيعي كالزلازل والفيضانات والانهيارات الثلجية، تسبب الإنسان بدوره في عدد من هذه الكوارث ككارثة تشيرنوبل وكارثة سد بانكياو (Banqiao) بالصين عام 1975 ومجاعة أوكرانيا التي تسببت بها القرارات الستالينية. إلى ذلك، شهد العالم خلال العام 1908 واحدة من أغرب الكوارث. فبغابات التايغا، أو كما تلقب أيضا بالغابات الثلجية، بشرقي سيبيريا الروسية، جد انفجار هائل، مجهول المصدر، تسبب في تدمير عشرات ملايين الأشجار.
حادث تونغوسكا
في حدود الساعة السابعة وأربع عشرة دقيقة صباح يوم 30 حزيران/يونيو 1908، شهدت مناطق سيبيريا الوسطى، التابعة للإمبراطورية الروسية، انفجارا مجهول المصدر. وحسب التقديرات الحديثة، بلغت شدة هذا الانفجار، حسب موقع موسوعة بريتانيكا، حوالي 15 ميغاطن من مادة تي أن تي (TNT) وهو ما يعادل ألف مرة قوة القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية يوم 6 آب/أغسطس 1945.
حسب العديد من المصادر، وقع الانفجار بارتفاع تراوح بين 5 و10 كيلومترات فوق سطح نهر تونغوسكا (Tunguska) بوسط سيبيريا وقد تسبب ذلك أيضا في زلزال بلغت شدته 5 درجات على مقياس رختر. إضافة لتسببه في مقتل نحو 3 أشخاص، أدى هذا الانفجار الغامض، الذي لقب بحادث تونغوسكا، لتدمير مساحة تجاوزت ألفي كلم مربع من الغابات. وحسب التقديرات، بلغ عدد الأشجار المدمرة بسبب هذا الانفجار حوالي 80 مليون شجرة.
خسائر حادث تونغوسكا
حسب تقارير السلطات الإمبراطورية الروسية، شهدت المنطقة حرائق ظلت مستعرة لأسابيع والتهمت عشرات ملايين الأشجار. فضلا عن ذلك، ارتفعت غيمة هائلة من الغبار نحو الغلاف الجوي للأرض وهو ما أثر بشكل كبير على الرؤية. ففي عدد من الدول الأوروبية، لاحظ الأهالي تغير لون الشمس خلال فترتي الشروق والغروب. خلال الأيام التي تلت الانفجار، شكك كثيرون في حدوث انفجار بركاني شبيه بذلك الذي حصل بإندونيسيا عام 1883. إلى ذلك، توقفت الأبحاث حول حادث تونغوسكا الغامض لسنوات بسبب تزايد التوتر السياسي بالقارة الأوروبية واندلاع الحرب العالمية الأولى والحرب الأهلية الروسية من بعدها.
خلال العام 1921، قاد عالم المعادن الروسي ليونيد كوليك (Leonid Kulik) أبحاثا حول حادث تونغوسكا دون أن يتوصل لنتائج واضحة بسبب عدم بلوغه لموقع هذه الظاهرة الغريبة. وبداية من العام 1927، عاد كوليك للمنطقة وباشر بجمع شهادات بعض ممن تحدثوا عن مشاهدتهم للكارثة سنة 1908. فضلا عن ذلك، شاهد كوليك بنفسه حجم الدمار والأشجار المحطمة التي خلفها حادث تونغوسكا. مع وفاة كوليك سنة 1942، توقفت الأبحاث لسنوات قبل أن تعود مجددا أواخر الأربعينيات. وعلى مدار العقود التالية، ظهرت العديد من الإشاعات حول حادث تونغوسكا حيث تحدث البعض عن انفجار مركبة فضائية تعمل بالطاقة النووية بالمنطقة بينما تحدث آخرون عن تجربة لسلاح روسي. إلى ذلك، دحضت العديد من النظريات العلمية هذه الإشاعات وتحدثت في المقابل عن انفجار مذنب، دخل الغلاف الجوي بسرعة تجاوزت 27 كلم بالثانية، قبيل ارتطامه بالأرض وهو ما يفسر عدم وجود حفرة بموقع الحادث. من جهة ثانية، صنف حادث تونغوسكا من قبل العلماء كأكبر حادث اصطدام على الأرض بالتاريخ المسجل على الرغم من أن اصطدامات أكبر كانت قد حدثت في عصور ما قبل التاريخ.
تعليقات الزوار | اضف تعليق